کد مطلب:352779 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:292

احداث السقیفة و بیعة أبی بکر
فی الوقت الذی كان علی علیه السلام ومن معه من أقرباء الرسول صلی الله علیه وآله مهتمین بتجهیز النبی صلی الله علیه وآله بعد رحیله عن



[ صفحه 48]



هذه الدنیا، كان عمر بن الخطاب یعلن إنكاره لوفاة الرسول صلی الله علیه وآله، ویهدد كل من یقول ذلك بالقتل، ولم یكن یصدق بوفاته حتی رجع أبو بكر من مكان خارج المدینة یدعی السنخ، كما ذكر ذلك البخاری فی صحیحه بسنده عن عائشة (رض): " إن رسول الله (ص) مات وأبو بكر بالسنح، قال إسماعیل: تعنی بالعالیة، فقام عمر یقول: والله ما مات رسول الله (ص)، قالت: وقال عمر: والله ما كان یقع فی نفسی إلا ذاك ولیبعثنه الله فلیقطعن أیدی رجال وأرجلهم، فجاءه أبو بكر، فكشف عن رسول الله (ص) فقبله، فقال: بأبی أنت وأمی، طبت حیا ومیتا، والله الذی نفسی بیده، لا یذیقك الله الموتتین أبدا، ثم خرج فقال: أیها الحال فعلی رسلك " [1] .

أما الأنصار فقد اجتمعوا فی سقیفتهم " سقیفة بنی ساعدة " ورشحوا سعد بن عبادة لیكون خلیفة رسول الله صلی الله علیه وآله، وعندما علم كبار المهاجرین (أبو بكر وعمر وأبو عبیدة) بذلك، ذهبوا إلیهم علی الفور وأعلنوا أنهم أحق بالأمر، ودار حوار بین المهاجرین والأنصار اشتد فیه الجدل والنزاع، وقد وقف زعیم الأنصار سعد بن عبادة قائلا: " أما بعد فنحن أنصار الله وكتیبة الإسلام، وأنتم معشر المهاجرین رهط، وقد دفت دافة من قومكم، فإذا هم یریدون أن یختزلونا من أصلنا، وأن یحضنونا منال أمر " [2] .

فقام أبو بكر وألقی خطابا ذكر فیه فضل المهاجرین، واحتج بقرشیتهم فی أحقیتهم، بالخلافة كما ذكر ذلك البخاری فی صحیحه: فذهب إلیهم أبو بكر الصدیق وعمر بن الخطاب وأبو عبیدة بن الجراح، فذهب عمر یتكلم فأسكته أبو بكر [3] ... فقال أبو بكر: لا، ولكنا الأمراء وأنتم الوزراء، هم



[ صفحه 49]



أوسط العرب دارا وأعربهم أحسابا [4] ،... وقد رضیت لكم أحد هذینالرجلین [5] فبایعوا عمر بن الخطاب أو أبو عبیدة بن الجراح " [6] .

فرد علیه أحد وجهاء الأنصار وهو الحباب بن المنذر قائلا: ا لا والله لا نفعل، منا أمیر، ومنكم أمیر " [7] ، وكان رد الأنصار فی روایة أخری: " فقال قائل الأنصار: أنا جذیلها المحكك وعذیقها المرجب، منا أمیر ومنكم أمیر، یا معشر قریش. فكثر اللغط، وارتفعت الأصوات، حق فرقت من الاختلاف " [8] .

وبعد تأزم الموقف إلی هذا الحد، جاء دور عمر بن الخطاب، فقال: " هیهات أن یجتمع اثنان فی قرن، والله لا ترضی العرب أن یؤمروكم ونبیها من غیركم، ولنا الحجة بذلك علی من أبی ". فرد علیه الحباب بن المنذر قائلا: " یا معشر الأنصار، أملوا علیكم أمركم، ولا تسمعوا مقالة هذا وأصحابه، فأنتم أحق بهذا الأمر منهم ". ولكن الأنصار انقسموا فی هذه الأثناء علی أنفسهم، فذهب أسید بن حضیر زعیم الأوس - الذی كان معارضا لزعیم قبیلة الخزرج سعد بن عبادة - وأعلن للمهاجرین تأییده لهم ووعد بإعطائهم البیعة. فقام عمر وقال لأبی بكر: إبسط یدك أبایعك، فبایعه عمر وقسما من المهاجرین والأنصار، وكما یروی البخاری بالسند إلی عائشة (رض) بأن عمر أخذ البیعة لأبی بكر بتهدیده وتخویفه لهم: " قالت عائشة: فما كانت



[ صفحه 50]



من خطبتهما من خطبة إلا نفع الله بها، لقد خوف عمر الناس، وإن فیهمل نفاقا فردهم الله بذلك " [9] .

وقال عمر یومها بشأن سعد بن عبادة الذی رفض المبایعة - وقد كان شیخا كبیر السن - كما - یروی ذلك البخاری فی صحیحه: "... ونزونا علی سعد بن عبادة، فقال قائل منهم: قتلتم سعد بن عبادة، فقال عمر:قتله الله " [10] .

وإلی هذا الحد نسدل الستار علی مسرح أحداث السقیفة والتی انتهت بعقد البیعة لأبی بكر بعد صراع مشهود بین المهاجرین والأنصار علی الخلافة، وقد اصطبغ ذلك النزاع بنزعة جاهلیة كما یظهر بوضوح من خلال التمعن بطبیعة الحوار الذی جری بین الفریقین، والحجج التی احتج بها كل علی الآخر، وقد اعترف الخلیفة عمر بن الخطاب (رض) فی آخر حیاته بأن بیعة أبی بكر كانت (فلتة) ولكن الله وقی شرها - علی رأیه - كما یروی ذلك البخاری فی صحیحه، حیث قال عمر: "... فلا یغترن امرؤ أن یقول إنما كانت بیعة أبی بكر فلتة وتمت، ألا وإنها قد كانت كذلك، ولكن الله وقی شرها " [11] .

والكل یعلم أن الإمام علی علیه السلام وسائر أولیائه من بنی هاشم وغیرهم من الصحابة - أمثال الزبیر وطلحة وعمار وسلمان والمقداد وأبو ذر وخزیمة ذی الشهادتین وخالد بن سعید وأبی بن كعب وأبی أیوب الأنصاری وغیرهم - لم یشهدوا تلك البیعة ولم یدخلوا السقیفة یومئذ، لأنهم كانوا منصرفین بكلهم إلی الخطب الفادح بوفاة الرسول صلی الله علیه وآله وقیامهم بالواجب من تجهیزه وتشییع جثمانه الطاهر، وقد أبرم أهل السقیفة البیعة لأبی بكر، فلم یكن بمقدور علی ومن معه أكثر من أن یخالفوا، یمتنعوا عن



[ صفحه 51]



المبایعة، كما یظهر من روایة عمر بن الخطاب: " وإنه قد كان من خبرنا حین توفی الله نبیه (ص)، إلا أن الأنصار خالفونا، واجتمعوا بأسرهم فی سقیفة بنی ساعدة وخالف منا علی والزبیر ومن معهما " [12] .

(ولم یر الإمام علی علیه السلام للاحتجاج علیهم أثرا سوی الفتنة التی كان یفضل أن یضیع حقه علی حدوثها فی تلك الظروف، بسبب الفتن الخطیرة التی أحاطت بالإسلام من كل جانب، فخطر یهدد الإسلام من المنافقین من أهل المدینة وبمن حولهم من الأعراب الذین قویت شوكتهم بعد رحیل المصطفی صلی الله علیه وآله، بالإضافة إلی خطر مسیلمة الكذاب وطلیحة بن خویلد الأفاك وسجاح الدجالة، والرومان والأكاسرة والقیاصرة وغیرهم الذین كانوا للمسلمین بالمرصاد، وغیر ذلك من الأخطار التی كانت تهدد الإسلام ووجوده، فكان من الطبیعی أن یضحی الإمام علی علیه السلام بحقه، ولكن دون أن یمحو حجیته فی الخلافة، فأراد الاحتفاظ بحقه فی الخلافة والاحتجاج علی من اجتهد فیها بالشكل الذی لا یوقع الفتنة التی سینتهزها أعداء الإسلام، فقعد فی بیته وتخلف عن المبایعة هو ومن معه لمدة ستة شهور) [13] وكما فی روایة البخاری التالیة، والتی تثبت أیضا أنه لو كان لعلی علیه السلام القوة الكافیة لانتزاع حقه بالقوة فی ذلك الوقت دون حصول الفتنة لفعل، فعن عائشة (رض) قالت: "... وعاشت (فاطمة) بعد النبی (ص) ستة أشهر، فلما توفیت دفنها زوجها علی لیلا، ولم یؤذن بها أبا بكر وصلی علیها. وكان لعلی من الناس وجه حیاة فاطمة، فلما توفیت استنكر علی وجوه الناس، فالتمس مصالحة أبی بكر ومبایعته، ولم یكن یبایع تلك الأشهر، فأرسل إلی بكر: أن ائتنا ولا یأتنا أحد معك كراهیة لمحضر عمر، فقال عمر: لا والله لا تدخل علیهم وحدك، فقال أبو بكر: وما عسیتهم أن یفعلوا بی؟ والله



[ صفحه 52]



لآتینهم " [14] .

ولقد فسر الإمام شرف الدین تصرف علی علیه السلام هذا بقوله: (ولو أسرع علی إلیهم فی المبایعة حین عقدها، لما تمت له حجة ولا سطع لشیعته برهان، لكنه جمع فیما فعل بین حفظ الدین، والاحتفاظ بحقه فی الخلافة، فالظروف یومئذ لا تسمح لمقاومة بسیف، ولا مقارعة بحجة) [15] وتظهر هذه الحقیقة جلیا عندما سعی أبو سفیان إلی علی علیه السلام أكثر من مرة یحضه علی الاستمساك بحقه فی الخلافة قائلا:" إن شئت لأملأنها علیهم خیلا ورجالا، ولأسدنها علیهم من أقطارها " [16] .

ولكن الإمام علیه السلام كان یرفض هذا النوع من المساعدة فی كل مرة، لأنه كان یعلم أن ما یقصده أبو سفیان هو إذكاء نار الفتنة وإشعال حرب لا یقوم بعدها للإسلام قائمة.


[1] صحيح البخاري ج 5 ص 13 كتاب فضائل الصحابة باب إن لم تجد نبي فإن أبا بكر.

[2] صحيح البخاري ج 8 ص 541 كتاب المحاربين من أهل الكفر باب رجم الحبلي من الزنا.

[3] صحيح البخاري ج 5 ص 14 كتاب فضائل الصحابة باب إن لم تجد نبي فإن أبا بكر.

[4] صحيح البخاري ج 5 ص 14 كتاب فضائل الصحابة باب إن لم تجد نبي فإن أبا بكر.

[5] صحيح البخاري ج 8 ص 542 كتاب المحاربين من أهل الكفر باب رجم الحبلي من الزنا.

[6] صحيح البخاري ج 5 ص 14 كتاب فضل الصحابة باب إن لم تجد نبي فإن أبا بكر.

[7] صحيح البخاري ج 5 ص 14 كتاب فضل الصحابة باب إن لم تجد نبي فإن أبا بكر.

[8] صحيح البخاري: ج 8 ص 542 كتاب المحاربين من أهل الكفر باب رجم الحبلي منالزنا.

[9] صحيح البخاري ج 5 ص 15 كتاب فضائل الصحابة باب إن لم تجد نبي فإن أبا بكر.

[10] صحيح البخاري ج 8 ص 542، ج 5 ص 14.

[11] صحيح البخاري ج 8 ص 540 كتاب المحاربين من أهل الكفر باب رجم الحبلي من الزنا.

[12] صحيح البخاري ج 8 ص 540 كتاب المحاربين من أهل الكفر باب رجم الحبلي من الزنا.

[13] بتصرف عن كتاب المراجعات للإمام شرف الدين.

[14] صحيح البخاري ج 5 ص 382 كتاب المغازي باب غزوة خيبر.

[15] بتصرف عن كتاب المراجعات للإمام شرف الدين.

[16] خلفاء الرسول لخالد محمد خالد ص 418 الطبعة الثامنة.